
كيفية تحقيق التوازن بين الحياة المادية والروحية في الإسلام: دليلك لِعِيشَةٍ مُطمئنة وفق القرآن والسنة

"لَنْ تَجِدَ سَعَادَةً حَقِيقِيَّةً إِلَّا حِينَ تَتَوَازَنُ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ"
كيفية تحقيق التوازن بين الحياة المادية والروحية في الإسلام: دليلك لِعِيشَةٍ مُطمئنة وفق القرآن والسنة.
في عصرٍ يَسُودُه الْانْشِغَالُ بِالْمَادِيَّاتِ، يَشْعُرُ كَثِيرُونَ بِفُضُولٍ: كَيْفَ أَعِيشُ لِلدُّنْيَا دُونَ أَنْ أَنْسَى آخِرَتِي؟ وَكَيْفَ أُحَقِّقُ التَّوَازُنَ بَيْنَ مَطَالِبِ الرُّوحِ وَحَاجَاتِ الْجَسَدِ؟ الْإِجَابَةُ وَاضِحَةٌ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ. فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ، سَنَسِيرُ مَعًا عَلَى خُطَى التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْعَمَلِ لِلدُّنْيَا وَالْعِبَادَةِ لِلَّهِ، بِدَلِيلٍ عَمَلِيٍّ وَأَمْثِلَةٍ مِنْ حَيَاةِ الرَّسُولِ ﷺ وَالصَّحَابَةِ. لِنَبْدَأْ!

"الدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ... فَازْرَعْ فِيهَا بِحِكْمَةٍ!"
1. لماذا التَّوَازُنُ بَيْنَ الْحَيَاةِ الْمَادِّيَّةِ وَالرُّوحِيَّةِ وَاجِبٌ إِسْلَامِيٌّ؟
الْإِسْلَامُ لَيْسَ دِينًا يُطَالِبُكَ بِتَرْكِ الدُّنْيَا، بَلْ بِعِمَارَتِهَا بِالتَّوْزِيعِ الصَّحِيحِ. قَالَ تَعَالَى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [الْقَصَصِ: 77].
أَهَمِّيَّةُ التَّوَازُنِ فِي الْإِسْلَامِ:
ضَمَانُ رِضَا اللَّهِ: الْعِبَادَةُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَجْمَعَانِ بَيْنَ حُسْنِ الْعَمَلِ الدُّنْيَوِيِّ وَالرُّوحِيِّ.
السَّلَامُ النَّفْسِيُّ: التَّوَازُنُ يُبْعِدُ عَنْكَ الْقَلَقَ وَالْإِحْسَاسَ بِالْفَرَاغِ.
نَمَاءُ الْمُجْتَمَعِ: إِذَا تَوَازَنَ كُلُّ فَرْدٍ، تَتَقَدَّمُ الْأُمَّةُ.
اقْتِبَاسٌ مُحَفِّزٌ:
“اعْمَلْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا، وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا” — عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

"كِتَابُ اللَّهِ هُوَ الْخُطَّةُ... وَسُنَّةُ رَسُولِهِ ﷺ هِيَ التَّطْبِيقُ!"
2. الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ يُرْشِدَانِ إِلَى التَّوَازُنِ: آيَاتٌ وَأَحَادِيثٌ
أ- مِنَ الْقُرْآنِ:
{رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ} [النُّورِ: 37]: التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالذِّكْرِ.
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الْحِجْرِ: 99]: الْعِبَادَةُ مُسْتَمِرَّةٌ مَعَ انْشِغَالِكَ بِالْحَيَاةِ.
ب- مِنَ السُّنَّةِ:
“الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ” (رَوَاهُ مُسْلِمٌ): الْقُوَّةُ تَشْمَلُ الْجَانِبَ الْمَادِّيَّ وَالرُّوحِيَّ.
“إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ” (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ): التَّوَزِيعُ الْعَادِلُ بَيْنَ الْحُقُوقِ.

"لَا تَنْتَظِرِ الْكَامِلَ... ابْدَأْ بِالْقَلِيلِ وَثِقْ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ!"
3. خُطَوَاتٌ عَمَلِيَّةٌ لِتَحْقِيقِ التَّوَازُنِ فِي يَوْمِكَ
أ- ضَعْ خُطَّةً يَوْمِيَّةً:
خَصِّصْ وَقْتًا مُحَدَّدًا لِلْعِبَادَةِ (الصَّلَوَاتِ، الْقُرْآنِ، الدُّعَاءِ).
وَقْتًا لِلْعَمَلِ وَالْعَائِلَةِ.
نَمُوذَجٌ:
5 صَبَاحًا: قِيَامُ اللَّيْلِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ.
8 صَبَاحًا: الْعَمَلُ أَوِ الدِّرَاسَةُ.
12 ظُهْرًا: صَلَاةُ الظُّهْرِ ثُمَّ رَاحَةٌ قَصِيرَةٌ.
6 مَسَاءً: وَقْتٌ مَعَ الْعَائِلَةِ.
9 مَسَاءً: صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَوِرْدُ الْقُرْآنِ.
ب- الْعَمَلُ بِالنِّيَّةِ الصَّالِحَةِ:
احْتِسَابُ الْأَجْرِ فِي كُلِّ عَمَلٍ دُنْيَوِيٍّ (مِثْلُ: إِتْقَانِ الْعَمَلِ، إِفَادَةِ النَّاسِ).
قَالَ ﷺ: “إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ” (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
ج- الزُّهْدُ غَيْرُ التَّرْكِ:
الزُّهْدُ الحَقِيقِيُّ: أَنْ لَا يَمْلِكَكَ شَيْءٌ دُونَ اللَّهِ، لَا أَنْ تَتْرُكَ كُلَّ شَيْءٍ!
مِثَالٌ: اشْتَرِ سَيَّارَةً تَنْفَعُكَ، وَلَكِنْ لَا تَجْعَلْهَا هَمَّكَ الْأَوَّلَ.

"الْجَاهِلُ يَسْقُطُ فِي الْحُفَرِ... وَالْحَكِيمُ يَتَعَلَّمُ مِنْ أَخْطَاءِ غَيْرِهِ!
4. أَخْطَاءٌ تَعُوقُ التَّوَازُنَ... تَجَنَّبْهَا!
الْخَطَأُ 1: الْإِفْرَاطُ فِي الْعِبَادَةِ عَلَى حِسَابِ الْوَالِدَيْنِ أَوِ الْأَوْلَادِ
الْحَلُّ: تَذَكَّرْ أَنَّ رِعَايَةَ الْعَائِلَةِ مِنَ الْعِبَادَةِ. قَالَ ﷺ: “خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ” (صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانَ).
الْخَطَأُ 2: الْانْغِمَاسُ فِي الدُّنْيَا حَتَّى نِسْيَانِ الصَّلَوَاتِ
الْحَلُّ: اضبط مُنَبِّهًا لِلصَّلَاةِ، وَاجْعَلْهَا أَوْلَى مِنْ أَيِّ مُهِمَّةٍ.
الْخَطَأُ 3: التَّقْصِيرُ فِي شُكْرِ اللَّهِ عَلَى النِّعَمِ
الْحَلُّ: اذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ كُلِّ نِعْمَةٍ (مِثْلَ: “الْحَمْدُ لِلَّهِ” عِنْدَ شُرْبِ الْمَاءِ).
اقْتِبَاسٌ مُحَفِّزٌ:
“إِذَا رَأَيْتَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكَ لَا تَنْسَ أَنْ تَقُولَ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ” — النَّبِيُّ ﷺ.

"اقْتَدِ بِهِمْ... تَكُنْ مِنَ الْفَائِزِينَ!"
5. قِصَصُ التَّوَازُنِ مِنْ حَيَاةِ الرَّسُولِ ﷺ وَالصَّحَابَةِ
قِصَّةُ الرَّسُولِ ﷺ مَعَ أَهْلِهِ:
كَانَ ﷺ يَخْصِصُ وَقْتًا لِأَزْوَاجِهِ، وَيُسَاعِدُ فِي أَعْمَالِ الْبَيْتِ، وَيَقُولُ: “خَيْرُكُمْ مَنْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ”.
قِصَّةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
مَلِكُ الْأَحْنَافِ (أَغْنَى الصَّحَابَةِ)، لَكِنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ مِنَ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَيُنْفِقُ أَمْوَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قِصَّةُ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
كَانَ يَقُولُ: “إِنِّي لَأَسْتَرِيحُ بِالْعِبَادَةِ كَمَا يَسْتَرِيحُ أَحَدُكُمْ بِالنَّوْمِ!”.

"لَا تَنْسَ... الْوَقْتُ هُوَ رَأْسُ مَالِكَ!"
6. بَرْنَامَجٌ يَوْمِيٌّ لِلتَّوَازُنِ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
صَبَاحًا:
صَلَاةُ الْفَجْرِ فِي وَقْتِهَا.
أَذْكَارُ الصَّبَاحِ.
تَخَطَّطْ لِمَهَامِكَ الْيَوْمِيَّةِ بِنِيَّةِ إِفَادَةِ النَّاسِ.
ظُهْرًا:
أَدِّ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي الْجَامِعِ (إِنِ اسْتَطَعْتَ).
خُذْ قِسْطًا مِنَ الرَّاحَةِ لِإِعَادَةِ النَّشَاطِ.
مَسَاءً:
خُصِّصْ سَاعَةً لِلْعَائِلَةِ دُونَ شَاشَاتٍ.
صَلِّ الْعِشَاءَ وَاقْرَأْ وَرْدَكَ مِنَ الْقُرْآنِ.
قَبْلَ النَّوْمِ:
اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَرَاجِعْ أَعْمَالَكَ.
اخْتِمْ يَوْمَكَ بِدُعَاءٍ: “اللَّهُمَّ أَصْلِحْ دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي”.

"الدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ... فَازْرَعْ فِيهَا بِحِكْمَةٍ!"
الْخُلَاصَةُ: التَّوَازُنُ سِرُّ السَّعَادَةِ... فَابْدَأْ بِهِ الْيَوْمَ!
"مَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ هَمَّهُ، جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ" — النَّبِيُّ ﷺ.
تصفّح المقالات
نبذة عن الكاتب
تيكى- تون . مجلة معلوماتية ثقافية اجتماعية رقمية للشباب فى مصر والعالم العربى متخصصة فى مجال التنمية الذاتية والنمو الشخصى بعيدا عن خزعبلات العلوم الزائفة و المفاهيم الغربية المغلوطة